[center]
or=blue]]هجــرة العقــول العربيــة الــى الــدول المتقدمــة
لا تزال ظاهرة نزيف العقول العربية مستمرة من العالم النامي إلى العالم الصناعي , ومن القلب العربي إلى المركز الصناعي الغربي . فهناك أكثر من مليون طالب من البلدان النامية يتابعون دراستهم في الخارج , لاسيما الخريجين الذين حصلوا علي درجة الدكتوراه ، لا يعودون إلى بلادهم وبعض أفضل الطلاب الذين تلقوا تعليمهم في البلدان النامية والغربية يهاجرون بدورهم لنفس الأسباب وكلا النوعين من المهاجرين يعد خسارة جسيمة وحتى الآن لم يحدث اتفاق دقيق حول المصطلح المعبر عن ظاهرة تدفق الكوادر العلمية من الجنوب إلي الشمال.
وأهم المصطلحات المتواترة لتوصيف هذه الظاهرة هي “نزيف العقول” و “ هجرة العقول “ و “ اصطياد العقول “ و “ تفريغ الأدمغة “ و “ النزيف البشري “ و “ سرقة العقول “ ، في حين يتبني الأعلام العربي تسميات أكثر تضليلا مثل النقل العكسي للتقنية “ و “ تدفق الموارد البشرية “ و “ التبادل الدولي للمهارات “ . وتشكل هذه الظاهرة ظاهرة خطيرة تتسبب في نزيف ثروة بشرية لا تقدر بثمن ، وفي إبقاء المجتمع العربي على حاله من التخلف والتبعية ، في سياق مرور العرب في مرحلة تتسم بتحديات حضارية كبرى ، تتمثل في تطور الغرب ماديا وتقنيا ومعلوماتيا وتخلف العرب في هذه المجالات.
إنَ هجرة العقول والكفاءات العلمية إلى الدول الغربية يزيد من عمق المفارقة ، إذ أنَ هذه العقول تشكل مساحة لا يستهان بها في آلية التقدم العلمي والتقني في الغرب ، فالأدمغة المهاجرة من العالم العربي التي تكفلت بلدانها الأصلية خسائر مادية هائلة تغذي الغرب بطاقة بشرية متجددة مجانية في الوقت الذي تؤدي إلى تخلف الداخل على مختلف الصعد .
أسباب نزيف الأدمغة :
يمكن ارجاع ظاهرة “ نزيف الأدمغة “ إلى ثلاثة أسباب رئيسة : اقتصادية وسياسية وعلمية:
1 - الاقتصادية : وتكمن في انخفاض مرتبات الكفاءات العلمية العربية في بلدانها وغياب الدعم الاقتصادي للمشروعات العلمية والإقتصادية والثقافية ، ويضاعف من خطورة ذلك أنَ معظم هذه الكفاءات يتم الحاقهم بأعمال ووظائف لا تتناسب مع خبراتهم وتخصصاتهم العلمية ، وحتى إذا ما عينوا فوظائف ملائمة فإن قدراتهم على الانتاج والعمل المبدع عادة ما تتأثر سلبا بالتعقيدات البيروقراطية وعلاقات السلطة في الأجهزة التي يعملون بها ، يقابل هذا الوضع وضع مخالف له تماما في البلدان المتقدمة تكنولوجيا إذ أنَ الاهتمام بها هناك متزايد ، وتتعرض للترغيب والغراء الاقتصادي بشكل مستمر بحيث تتشكل لديها رغبة قوية في هجرة بلدانها – كما تم ذكره في الفقرة السابقة.
2 - السياسية: ويتعلق هذا السبب بانتماء الكفاءات العلمية لبعض الأحزاب والفعاليات السياسية أو امتلاكها لآراء ورؤى ومواقف سياسية أو ثقافية مخالفة أو معارضة لسياسة الدولة ومؤسساتها ، وبسبب الغياب الكبير لأجواء الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ... الخ وهذا يعتبر عاملا هاما وأساسيا لهذه الكفاءات لأنها في في معظمها ذات إمكانات سياسية وثقافية عالية ، وهي بطبيعة تكوينها العلمي ترغب في مناخات الحرية كحرية الرأي والتعبير ، وبالاضافة إلى هذا تعد الحروب الاهلية أيضا قوة طاردة للعديد من أصحاب الكفاءات في البلدان العربية التي تعاني منها.
3 - العلمية : إنً الكفاءات العلمية المهاجرة ترغب دائما في البحث العلمي وحرية التأليف والنشر ، وتحتاج لدعم اقتصادي وتكنولوجي من الدولة ، وبسبب احجام الدولة عن الاهتمام والدعم لهذه الكفاءات ، وبسبب عدم ايلاء الأهمية لدراسات البحث العلمي بالشكل المطلوب ومحدودية دراسات البحث العلمي هناك وتقلصها الشديد فإنَ هذه الكفاءات تهاجر إلى البلدان المتقدمة لتوفر إمكانات البحث العلمي هناك ، وتشير دراسة منشورة عام 1993 للدكتور جلال عبد الله معوض إلى أن متوسط نصيب الفرد من الانفاق الحكومي على البحث والتطوير العلمي يصل إلى ( 111) دولارا في البلدان المتقدمة ، الا أنه في البلدان العربية ككل لا يزيد عن دولارين فقط ، ويقول في هذا الصدد المفكر الدكتور أدوارد سعيد : ولم يقتصر الأمر على هجرة عدد ضخم من الأشخاص اللامعين والموهوبين من العالم العربي ، وإنما أستطيع القول كذلك إنَ مفهوم الحرية الأكاديمية بكامله قد انحدر انحدارا كبيرا خلال العقود الثلاثة الماضية ، ولم يعد ممكنا أن يكون المرء حرا في الجامعة إلا إذا تجنب تجنبا تاما كل ما يثير الشبهة أو الاهتمام غير المرحب به “.
آثار الظاهرة : يمكن أن نحدد الآثار الناجمة عن ظاهرة “ نزيف الأدمغة” بما يلي:
1 - هدر وتضييع الإمكانات البشرية والمادية والعلمية التي تم إنفاقها على هذه الكفاءات والتي تم تدريبها وتهيئتها الى حين هجرتها الى البلدان المتقدمة تكنولوجيا ، لقد قدرت إحدى الدراسات العربية ( نهاية 1990 ) التكاليف الاقتصادية على هذه الكفاءات بنحو 327ألف دولار للمهندس 535 ألف دولار للطبيب298 ألف دولار لعالم الطبيعة ، وبصياغة أخرى يمكن الاشارة إلى أن أنطوان زحلان قد أوضح بأن خسارة الدول العربية من جراء هجرة العقول قد بلغت أحد عشر مليار دولار.
2 - افتقاد العنصر الاداري الكفوء الذي يقوم بادارة وتنظيم المشروعات الانتاجية العربية ، وبالتالي إضعاف القوى المنتجة في المجتمع مما يؤدي إلى تبعية العالم العربي للغرب علما أن الكفاءات هناك باهظة الأجور والمكافآت ، وهذا يحصل بالرغم من وجود الامكانات المادية والثروات الطبيعية والخامة ، وذلك بسبب هجرة نخبة قيادية متقدمة قادرة على دفع عجلة التنمية والتطوير في العالم العربي قدما وإلى الأمام.
3 - ضعف وقلة مشاريع ودراسات ومؤسسات البحث العلمي على العكس من العالم الغربي الذي تكثر فيه المؤسسات البحثية العلمية والتي هي الأرضية الأساسية للتقدم التقاني ( التكنولوجي ) الغربي ، ويمكن الاشارة إلى أن عدد البحوث التي أجريت في العالم العربي عام 1977 في مجال العلوم الهندسية والتقنية قد وصلت إلى 270 بحثا مقابل 576 بحثا في نفس المجال للعلماء العرب في الغرب و226بحثا في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات في العالم العربي مقبل 809 بحوث في نفس المجال للعلماء العرب في الغرب.
4 - عدم عودة الكفاءات العربية على بلدانها وقيام المؤسسات الغربية باستثمار إمكاناتها لصالح مشروعاتها التنموية والعلمية وكذلك حصولها ( الكفاءات) برغبتها أو بترغيب واغراء المؤسسات الغربية على جنسية الدولة التي هاجروا إليها ويعملون فيها ، وهذا يعد خسارة فادحة للعالم العربي برمته.
جهود ومحاولات لحل المشكلة:
في مواجهة سلبيات هجرة الأدمغة والكفاءات العربية إلى البلدان المتقدمة تكنولوجيا ، بذلت جهود من جانب بعض الدول العربية وحكوماتها لاستعادة بعض العناصر المتميزة من هذه الكفاءات أو للانتفاع منها بصورة واقعية خلال وجودها في البلدان المضيفة ، وذلك عبر مسالك متنوعة يذكر بعضا منها الدكتور خلف الجراد في مجلة الفيصل – أنظر المرجع الأول.
1 - تقديم الامتيازات المالية والاجتماعية والمراكز المرموقة في أجهزة البحث العلمي ومؤسساته وهو اتجاه لجأت اليه بنجاح ملحوظ المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ودولة الكويت وليبيا ( الى حد ما ).
2 - الاستفادة النسبية من الكفاءات والأطرالبشرية العلمية المهاجرة من خلال تنظيم مؤتمرات للمغتربين في الوطن الأم ( وهو ماقامت به سوريا في العقد الأخير من القرن الماضي ولا تزال بصورة فعالة ) وطلب مساعدتهم وخبراتهم وتبادل المشورة معهم ، سواء بصدد الاطلاع على أحدث الوسائل في المعالجات الطبية والدوائية أو بصدد نقل التقانة ( التكنولوجيا ) العلمية أو حتى بغرض المشاركة المالية والاقتصادية في تنفيذ واستثمار بعض المشاريع الحيوية.
3 - التعاون سواء على صعيد قطري أو عربي اقليمي مع منظمة “ اليونسكو” لإقامة مشروعات ومراكز علمية بغرض تكوين كفاءات عربية خبيرة للتخفيف من حدة سلبيات هجرة الأدمغة والكفاءات العربية الى البلدان الغربية، وكذلك لاجتذاب بعض الكفاءات المهاجرة للاشراف على البحوث والمشاركة في الندوات والمؤتمرات التي تتطلبها هذه المراكز ، ومن نشاطات “ اليونسكو” في هذا الصدد : انشاء مركز الاسكندرية للدراسات العلمية عام 1972 ومركز الدراسات العليا الهندسية المتقدمة بجامعة القاهرة ، ومشروع التبادل الاقليمي لأساتذة كليات الهندسة لعام 1979 – 1980 ومعهد الجيولوجيا التطبيقية في جدة بالمملكة العربية السعودية والمدرسة الوطنية للأشغال العامة في الدار البيضاء بالمغرب ومحطة البحوث المائية في واد مدني بالسودان ، والمشروع العربي للبحوث الكيميائية في عام 1978 ، فضلا عن جهود اليونسكو في تنظيم مؤتمر وزراء الدول العربية المسؤولين عن تطبيق العلم والتقانة لأغراض التنمية الذي عقد في الرباط آب /اغسطس 1976 الذي أقر خطة عمل علمية عربية وأوصى بانشاء الصندوق العربي للعلم والتكنولوجيا ، ولكن يلاحظ بصفة عامة أن الجهود الرسمية العربية عبر المسالك الثلاثة السابقة وغيرها سواء للافادة من الكفاءات العربية أو تشجيعها على العودة لم تحقق كثيرا من النتائج المرجوة منها أو بالأحرى شابها قصور من الممكن إعادته إلى الأسباب التالية:
-1 خشية فريق من المهاجرين العرب من العودة النهائية الى بلدانهم بالرغم من الحنين والارتباط العاطفي والرغبة في المشاركة في تطور الوطن الأم وتنميته خوفا من عواقب التقلبات السياسية.
2 - عمق اندماج أعداد كبيرة من هؤلاء المهاجرين العرب في المجتمعات الغربية وتجنيسهم في كثير من الحالات بجنسياتها وزواجهم من نسائها وتشبعهم وتشبع ذريتهم بثقافتها وقيمها ومفاهيمها ناهيك عن الانفصام بين الأجيال ( ذات الأصول العربية ) المولودة في الغرب وقضايا البلدان العربية وهمومها ومتطلبات تنميتها وتقدمها.
3 - عدم تحرك حكومات البلدان العربية في إطار جماعي شامل ( جامعة الدول العربية) لدعم المهاجرين العرب الذين ما زالت علاقاتهم الوجدانية والعاطفية قوية بالعالم العربي وقضاياه المصيرية لتمكينهم من تشكيل قوة ضاغطة على صانعي السياسة في البلدان الغربية لخدمة القضايا العربية .. وجدير بالذكر أنَ الجاليات العربية في دول أمريكا اللاتينية بصورة خاصة وفي أوربا والولايات المتحدة الأمريكية طورت في أماكن تجمعاتها وبصورة ذاتية ثقافة واسعة موجهة بكثافة شطر العالم العربي ، ولقد أنشأت معظم الجاليات العربية في الخارج جمعيات ومنظمات متخصصة لدعم علاقاتها بالعالم العربي ، وترفد هذه الأنشطة محاضرات ورحلات جماعية ومسارح وجمعيات خيرية وصحف ومساجد ومراكز أخرى للنشاط الديني وجمعيات ثقافية وأندية ومعارض فنية ... الخ .
ومن هنا فإن استراتيجية “ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – اليسكو- “ في خطتها الشاملة من “أجل تنمية ثقافية عربية “ طالبت وأوصت الحكومات العربية بتزويد هذه المجتمعات بخدمات تربوية وثقافية.
4 - إن تدفق الطاقة البشرية المتخصصة من العالم العربي هو من أعراض الأزمة التنموية وهجرة الكفاءات إشارة تحذير للجمود الاقتصادي أو المزيد من التخلف إذ أن توسع التعليم العالي يضمن توسعا في الطاقة البشرية للتصدير .
عموما لا بد من الـتأكيد على ضرورة الجهود العربية في الوقت الحالي بالتركيز على توفير المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اللازمة لخلق بيئة ملائمة لتطوير التعليم والبحث العلمي وربطهما بسياسات التنمية وسوق العمل بما يضمن الاحتفاظ بالكفاءات العربية التي لا تزال تعمل في العالم العربي ومنحها الفرصة الكاملة للمشاركة الحقيقية من جهود التنمية حتى لا تلحق بالكفاءات العربية التي هاجرت إلى البلدان الغربية.
[/size]
or=blue]]هجــرة العقــول العربيــة الــى الــدول المتقدمــة
لا تزال ظاهرة نزيف العقول العربية مستمرة من العالم النامي إلى العالم الصناعي , ومن القلب العربي إلى المركز الصناعي الغربي . فهناك أكثر من مليون طالب من البلدان النامية يتابعون دراستهم في الخارج , لاسيما الخريجين الذين حصلوا علي درجة الدكتوراه ، لا يعودون إلى بلادهم وبعض أفضل الطلاب الذين تلقوا تعليمهم في البلدان النامية والغربية يهاجرون بدورهم لنفس الأسباب وكلا النوعين من المهاجرين يعد خسارة جسيمة وحتى الآن لم يحدث اتفاق دقيق حول المصطلح المعبر عن ظاهرة تدفق الكوادر العلمية من الجنوب إلي الشمال.
وأهم المصطلحات المتواترة لتوصيف هذه الظاهرة هي “نزيف العقول” و “ هجرة العقول “ و “ اصطياد العقول “ و “ تفريغ الأدمغة “ و “ النزيف البشري “ و “ سرقة العقول “ ، في حين يتبني الأعلام العربي تسميات أكثر تضليلا مثل النقل العكسي للتقنية “ و “ تدفق الموارد البشرية “ و “ التبادل الدولي للمهارات “ . وتشكل هذه الظاهرة ظاهرة خطيرة تتسبب في نزيف ثروة بشرية لا تقدر بثمن ، وفي إبقاء المجتمع العربي على حاله من التخلف والتبعية ، في سياق مرور العرب في مرحلة تتسم بتحديات حضارية كبرى ، تتمثل في تطور الغرب ماديا وتقنيا ومعلوماتيا وتخلف العرب في هذه المجالات.
إنَ هجرة العقول والكفاءات العلمية إلى الدول الغربية يزيد من عمق المفارقة ، إذ أنَ هذه العقول تشكل مساحة لا يستهان بها في آلية التقدم العلمي والتقني في الغرب ، فالأدمغة المهاجرة من العالم العربي التي تكفلت بلدانها الأصلية خسائر مادية هائلة تغذي الغرب بطاقة بشرية متجددة مجانية في الوقت الذي تؤدي إلى تخلف الداخل على مختلف الصعد .
أسباب نزيف الأدمغة :
يمكن ارجاع ظاهرة “ نزيف الأدمغة “ إلى ثلاثة أسباب رئيسة : اقتصادية وسياسية وعلمية:
1 - الاقتصادية : وتكمن في انخفاض مرتبات الكفاءات العلمية العربية في بلدانها وغياب الدعم الاقتصادي للمشروعات العلمية والإقتصادية والثقافية ، ويضاعف من خطورة ذلك أنَ معظم هذه الكفاءات يتم الحاقهم بأعمال ووظائف لا تتناسب مع خبراتهم وتخصصاتهم العلمية ، وحتى إذا ما عينوا فوظائف ملائمة فإن قدراتهم على الانتاج والعمل المبدع عادة ما تتأثر سلبا بالتعقيدات البيروقراطية وعلاقات السلطة في الأجهزة التي يعملون بها ، يقابل هذا الوضع وضع مخالف له تماما في البلدان المتقدمة تكنولوجيا إذ أنَ الاهتمام بها هناك متزايد ، وتتعرض للترغيب والغراء الاقتصادي بشكل مستمر بحيث تتشكل لديها رغبة قوية في هجرة بلدانها – كما تم ذكره في الفقرة السابقة.
2 - السياسية: ويتعلق هذا السبب بانتماء الكفاءات العلمية لبعض الأحزاب والفعاليات السياسية أو امتلاكها لآراء ورؤى ومواقف سياسية أو ثقافية مخالفة أو معارضة لسياسة الدولة ومؤسساتها ، وبسبب الغياب الكبير لأجواء الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ... الخ وهذا يعتبر عاملا هاما وأساسيا لهذه الكفاءات لأنها في في معظمها ذات إمكانات سياسية وثقافية عالية ، وهي بطبيعة تكوينها العلمي ترغب في مناخات الحرية كحرية الرأي والتعبير ، وبالاضافة إلى هذا تعد الحروب الاهلية أيضا قوة طاردة للعديد من أصحاب الكفاءات في البلدان العربية التي تعاني منها.
3 - العلمية : إنً الكفاءات العلمية المهاجرة ترغب دائما في البحث العلمي وحرية التأليف والنشر ، وتحتاج لدعم اقتصادي وتكنولوجي من الدولة ، وبسبب احجام الدولة عن الاهتمام والدعم لهذه الكفاءات ، وبسبب عدم ايلاء الأهمية لدراسات البحث العلمي بالشكل المطلوب ومحدودية دراسات البحث العلمي هناك وتقلصها الشديد فإنَ هذه الكفاءات تهاجر إلى البلدان المتقدمة لتوفر إمكانات البحث العلمي هناك ، وتشير دراسة منشورة عام 1993 للدكتور جلال عبد الله معوض إلى أن متوسط نصيب الفرد من الانفاق الحكومي على البحث والتطوير العلمي يصل إلى ( 111) دولارا في البلدان المتقدمة ، الا أنه في البلدان العربية ككل لا يزيد عن دولارين فقط ، ويقول في هذا الصدد المفكر الدكتور أدوارد سعيد : ولم يقتصر الأمر على هجرة عدد ضخم من الأشخاص اللامعين والموهوبين من العالم العربي ، وإنما أستطيع القول كذلك إنَ مفهوم الحرية الأكاديمية بكامله قد انحدر انحدارا كبيرا خلال العقود الثلاثة الماضية ، ولم يعد ممكنا أن يكون المرء حرا في الجامعة إلا إذا تجنب تجنبا تاما كل ما يثير الشبهة أو الاهتمام غير المرحب به “.
آثار الظاهرة : يمكن أن نحدد الآثار الناجمة عن ظاهرة “ نزيف الأدمغة” بما يلي:
1 - هدر وتضييع الإمكانات البشرية والمادية والعلمية التي تم إنفاقها على هذه الكفاءات والتي تم تدريبها وتهيئتها الى حين هجرتها الى البلدان المتقدمة تكنولوجيا ، لقد قدرت إحدى الدراسات العربية ( نهاية 1990 ) التكاليف الاقتصادية على هذه الكفاءات بنحو 327ألف دولار للمهندس 535 ألف دولار للطبيب298 ألف دولار لعالم الطبيعة ، وبصياغة أخرى يمكن الاشارة إلى أن أنطوان زحلان قد أوضح بأن خسارة الدول العربية من جراء هجرة العقول قد بلغت أحد عشر مليار دولار.
2 - افتقاد العنصر الاداري الكفوء الذي يقوم بادارة وتنظيم المشروعات الانتاجية العربية ، وبالتالي إضعاف القوى المنتجة في المجتمع مما يؤدي إلى تبعية العالم العربي للغرب علما أن الكفاءات هناك باهظة الأجور والمكافآت ، وهذا يحصل بالرغم من وجود الامكانات المادية والثروات الطبيعية والخامة ، وذلك بسبب هجرة نخبة قيادية متقدمة قادرة على دفع عجلة التنمية والتطوير في العالم العربي قدما وإلى الأمام.
3 - ضعف وقلة مشاريع ودراسات ومؤسسات البحث العلمي على العكس من العالم الغربي الذي تكثر فيه المؤسسات البحثية العلمية والتي هي الأرضية الأساسية للتقدم التقاني ( التكنولوجي ) الغربي ، ويمكن الاشارة إلى أن عدد البحوث التي أجريت في العالم العربي عام 1977 في مجال العلوم الهندسية والتقنية قد وصلت إلى 270 بحثا مقابل 576 بحثا في نفس المجال للعلماء العرب في الغرب و226بحثا في مجال العلوم الطبيعية والرياضيات في العالم العربي مقبل 809 بحوث في نفس المجال للعلماء العرب في الغرب.
4 - عدم عودة الكفاءات العربية على بلدانها وقيام المؤسسات الغربية باستثمار إمكاناتها لصالح مشروعاتها التنموية والعلمية وكذلك حصولها ( الكفاءات) برغبتها أو بترغيب واغراء المؤسسات الغربية على جنسية الدولة التي هاجروا إليها ويعملون فيها ، وهذا يعد خسارة فادحة للعالم العربي برمته.
جهود ومحاولات لحل المشكلة:
في مواجهة سلبيات هجرة الأدمغة والكفاءات العربية إلى البلدان المتقدمة تكنولوجيا ، بذلت جهود من جانب بعض الدول العربية وحكوماتها لاستعادة بعض العناصر المتميزة من هذه الكفاءات أو للانتفاع منها بصورة واقعية خلال وجودها في البلدان المضيفة ، وذلك عبر مسالك متنوعة يذكر بعضا منها الدكتور خلف الجراد في مجلة الفيصل – أنظر المرجع الأول.
1 - تقديم الامتيازات المالية والاجتماعية والمراكز المرموقة في أجهزة البحث العلمي ومؤسساته وهو اتجاه لجأت اليه بنجاح ملحوظ المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ودولة الكويت وليبيا ( الى حد ما ).
2 - الاستفادة النسبية من الكفاءات والأطرالبشرية العلمية المهاجرة من خلال تنظيم مؤتمرات للمغتربين في الوطن الأم ( وهو ماقامت به سوريا في العقد الأخير من القرن الماضي ولا تزال بصورة فعالة ) وطلب مساعدتهم وخبراتهم وتبادل المشورة معهم ، سواء بصدد الاطلاع على أحدث الوسائل في المعالجات الطبية والدوائية أو بصدد نقل التقانة ( التكنولوجيا ) العلمية أو حتى بغرض المشاركة المالية والاقتصادية في تنفيذ واستثمار بعض المشاريع الحيوية.
3 - التعاون سواء على صعيد قطري أو عربي اقليمي مع منظمة “ اليونسكو” لإقامة مشروعات ومراكز علمية بغرض تكوين كفاءات عربية خبيرة للتخفيف من حدة سلبيات هجرة الأدمغة والكفاءات العربية الى البلدان الغربية، وكذلك لاجتذاب بعض الكفاءات المهاجرة للاشراف على البحوث والمشاركة في الندوات والمؤتمرات التي تتطلبها هذه المراكز ، ومن نشاطات “ اليونسكو” في هذا الصدد : انشاء مركز الاسكندرية للدراسات العلمية عام 1972 ومركز الدراسات العليا الهندسية المتقدمة بجامعة القاهرة ، ومشروع التبادل الاقليمي لأساتذة كليات الهندسة لعام 1979 – 1980 ومعهد الجيولوجيا التطبيقية في جدة بالمملكة العربية السعودية والمدرسة الوطنية للأشغال العامة في الدار البيضاء بالمغرب ومحطة البحوث المائية في واد مدني بالسودان ، والمشروع العربي للبحوث الكيميائية في عام 1978 ، فضلا عن جهود اليونسكو في تنظيم مؤتمر وزراء الدول العربية المسؤولين عن تطبيق العلم والتقانة لأغراض التنمية الذي عقد في الرباط آب /اغسطس 1976 الذي أقر خطة عمل علمية عربية وأوصى بانشاء الصندوق العربي للعلم والتكنولوجيا ، ولكن يلاحظ بصفة عامة أن الجهود الرسمية العربية عبر المسالك الثلاثة السابقة وغيرها سواء للافادة من الكفاءات العربية أو تشجيعها على العودة لم تحقق كثيرا من النتائج المرجوة منها أو بالأحرى شابها قصور من الممكن إعادته إلى الأسباب التالية:
-1 خشية فريق من المهاجرين العرب من العودة النهائية الى بلدانهم بالرغم من الحنين والارتباط العاطفي والرغبة في المشاركة في تطور الوطن الأم وتنميته خوفا من عواقب التقلبات السياسية.
2 - عمق اندماج أعداد كبيرة من هؤلاء المهاجرين العرب في المجتمعات الغربية وتجنيسهم في كثير من الحالات بجنسياتها وزواجهم من نسائها وتشبعهم وتشبع ذريتهم بثقافتها وقيمها ومفاهيمها ناهيك عن الانفصام بين الأجيال ( ذات الأصول العربية ) المولودة في الغرب وقضايا البلدان العربية وهمومها ومتطلبات تنميتها وتقدمها.
3 - عدم تحرك حكومات البلدان العربية في إطار جماعي شامل ( جامعة الدول العربية) لدعم المهاجرين العرب الذين ما زالت علاقاتهم الوجدانية والعاطفية قوية بالعالم العربي وقضاياه المصيرية لتمكينهم من تشكيل قوة ضاغطة على صانعي السياسة في البلدان الغربية لخدمة القضايا العربية .. وجدير بالذكر أنَ الجاليات العربية في دول أمريكا اللاتينية بصورة خاصة وفي أوربا والولايات المتحدة الأمريكية طورت في أماكن تجمعاتها وبصورة ذاتية ثقافة واسعة موجهة بكثافة شطر العالم العربي ، ولقد أنشأت معظم الجاليات العربية في الخارج جمعيات ومنظمات متخصصة لدعم علاقاتها بالعالم العربي ، وترفد هذه الأنشطة محاضرات ورحلات جماعية ومسارح وجمعيات خيرية وصحف ومساجد ومراكز أخرى للنشاط الديني وجمعيات ثقافية وأندية ومعارض فنية ... الخ .
ومن هنا فإن استراتيجية “ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – اليسكو- “ في خطتها الشاملة من “أجل تنمية ثقافية عربية “ طالبت وأوصت الحكومات العربية بتزويد هذه المجتمعات بخدمات تربوية وثقافية.
4 - إن تدفق الطاقة البشرية المتخصصة من العالم العربي هو من أعراض الأزمة التنموية وهجرة الكفاءات إشارة تحذير للجمود الاقتصادي أو المزيد من التخلف إذ أن توسع التعليم العالي يضمن توسعا في الطاقة البشرية للتصدير .
عموما لا بد من الـتأكيد على ضرورة الجهود العربية في الوقت الحالي بالتركيز على توفير المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اللازمة لخلق بيئة ملائمة لتطوير التعليم والبحث العلمي وربطهما بسياسات التنمية وسوق العمل بما يضمن الاحتفاظ بالكفاءات العربية التي لا تزال تعمل في العالم العربي ومنحها الفرصة الكاملة للمشاركة الحقيقية من جهود التنمية حتى لا تلحق بالكفاءات العربية التي هاجرت إلى البلدان الغربية.
[/size]
الإثنين مارس 10, 2014 6:15 am من طرف ام مريم
» عند موتك ........
الإثنين مارس 10, 2014 2:27 am من طرف ام مريم
» السيسى يلتقى رئيس شركة " أربتك " الإماراتية ويطلق حملة "من أجل شباب مصر" .
الأحد مارس 09, 2014 12:08 pm من طرف ام مريم
» لجنة الانتخابات الرئاسية تبحث مع "التنمية الإدارية" الإعداد للانتخابات
الأحد مارس 09, 2014 12:04 pm من طرف ام مريم
» وزارة التعليم: انتظام الدراسة بمعظم مدارس الجمهورية
الأحد مارس 09, 2014 12:02 pm من طرف ام مريم
» الشاشة الزرقة
الإثنين فبراير 03, 2014 12:39 pm من طرف Spider-Man
» كهف أهل الكهف
الجمعة يناير 31, 2014 8:08 am من طرف ام مريم
» لانجيرى للبيع باسعار هايلة
الجمعة أكتوبر 18, 2013 12:01 am من طرف ام مريم
» ريمستريو....
الأحد مايو 26, 2013 12:35 am من طرف ام مريم